دور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز قيم المواطنة

In المواطنة الإنسانية ودورها في التقارب والوئام الإنساني-أسبوع التقارب والوئام الإنساني الرابع. Sultanate of Oman سلطنة عمان: Sultan Qaboos Higher Centre for Culture and Science-Muscat مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم-مسقط. pp. 165-198 (2015)
  Copy   BIBTEX

Abstract

ساعدت تكنولوجيا المعلومات والاتصال الرقمية على ربط التواصل بين الشعوب بمختلف توجهاتها الحضارية متجاوزة بذلك الحدود السياسية والجغرافية، وفك العزلة الحضارية التي كانت تعيشها معظم المجتمعات البشرية، إذ يشهد عالمنا المعاصر تحولات كبيرة في تكنولوجيا الاتصال، تؤثر في العلاقات السياسية والاقتصادية، وفي أنماط التفكير وأنماط العيش في المجتمعات المختلفة، وقد قامت وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية ولازالت تقوم بدور فعال في إمداد الإنسان بكثير من المعلومات والمواقف والاتجاهات، مساهمة بذلك في تشكيل وعيه وبإعداده ليكون أكثر قدرة على التأثير في الآخرين واستمالتهم، فهي تقدم تعلم اللغات وتسهم في ترجمة المعلومات من أجل تسهيل عملية التواصل بين الشباب و إزالة الفوارق الحضارية، فضلا عن تميز هذه الوسائل بعدة مميزات منها التشاركية والتفاعلية والحضور الدائم غير المادي. فقد وفر ظهور وسائل التواصل الاجتماعي فتحا ثوريا، نقل الإعلام إلى آفاق غير مسبوقة، وأعطى مستخدميه فرصا كبرى للتأثير والانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة بشكل نسبي محدود. إذ أوجد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي قنوات للبث المباشر من جمهورها في تطور يغير من جوهر النظريات الاتصالية المعروفة، ويوقف احتكار صناعة الرسالة الإعلامية لينقلها إلى مدى أوسع وأكثر شمولية، وبقدرة تأثيرية وتفاعلية لم يتصورها خبراء الاتصال. وأبرز حراك الشباب العربي الذي تمثل في الثورات التي شهدتها بعض الدول العربية قدرة هذا النوع من الإعلام على التأثير في تغيير ملامح المجتمعات، وإعطاء قيمة مضافة في الحياة السياسية، والتأكيد على منافسة الإعلام التقليدي. أما المواطنة فقد أصبحت، بما يترتب عليها من واجبات وحقوق للمواطنين، مقولة مركزية للديمقراطية ومقوما أساسيا من مقومات الحداثة السياسية والاجتماعية، بل إن خلو دستور أية دولة دون الإشارة إلى هذه الحقوق وضرورة صيانتها والمحافظة عليها يعد من منظور الأخلاق الديمقراطية مخالفة قانونية وسياسية وانتقاصا من مشروعية السلطة ذاتها . كما أخذت المواطنة في العصر الحديث معنى جديدا تعكسه المنزلة التي أصبح يحتلها المواطن في المجتمعات الديمقراطية الحديثة، وتحددت تحت تأثير مجموعة من التحولات طبعت المجتمعات المعاصرة خلال منتصف القرن العشرين، هذه التحولات بعضها اقتصادي أو سياسي و البعض الأخر منها أيديولوجي إلا أن أهمها هو انتصار التوجهات التي أكدت على أولوية الفرد وشرعية استقلاله تجاه المجتمع، وحقه في رعاية مطالبه ومتابعة أهدافه بكل حرية في حدود احترام القوانين وقد شهدت العقود الأخيرة تعمقا قويا لهذا المبدأ. لقد غيرت المواطنة الحديثة بعمق الصورة الكلاسيكية للمواطن؛ حيث تعد حرية التعبير والمعتقد من الأصول الأساسية التي يقوم عليها نظام الدولة القانونية الديمقراطية، كما تعتبر وسائل الإعلام بمختلف صورها من أهم وسائل التعبير عن حرية الرأي في العالم المعاصر، لكن التطورات الحاصلة في مختلف مجالات الحياة الإنسانية جعلت الأحداث والظواهر والتطورات تفقد بساطتها الأولى، باعتبار التكنولوجيا الحديثة متغير أساسي في هذا المقياس، الأمر الذي دفع باتجاه ظهور إعلام متخصص يستطيع أن يقدم معالجة نوعية تتميز بمستوى من الجدية والعمق والشمولية، وتنوع وظائف وسائل الإعلام وانتقالها من اهتماماتها الكلاسيكية من نقل الأخبار إلى معالجة الأوضاع فأصبحت من ضروريات الحياة، فهي بمثابة حلقة وصل بين كل مؤسسات ومقومات ومكونات البناء الاجتماعي، وعلى عاتقها تقوم بشرح وتقديم ما لدى كل مؤسسة اجتماعية لأخرى؛ إذ تؤدي وسائل الإعلام دور بالغ الأهمية والخطورة في تكوين الرأي العام وفي تشكيله، وفي تعبئة الجماعات وحشدها حول أفكار وأراء واتجاهات معينة.

Analytics

Added to PP
2024-01-16

Downloads
109 (#86,618)

6 months
109 (#38,739)

Historical graph of downloads since first upload
This graph includes both downloads from PhilArchive and clicks on external links on PhilPapers.
How can I increase my downloads?