التربية الإسلامية بين الهوية والفعل التربوي

In الصديق الصادقي العماري وآخرون & Seddik Sadiki Amari (eds.), واحات زيز وغريس: المجال والإنسان والمجتمع. pp. 149-165 (2021)
  Copy   BIBTEX

Abstract

إن شرف أي علم وفضله مرتبط بشرف موضوعه، وموضوع التربية الإسلامية هو الإنسان والعمران، لذلك أنزل الله تعالى الوحي على الأنبياء والرسل، لإصلاح البشرية، فأرسلهم مبشرين ومنذرين، معلمين ومصلحين يقول تعالى:" كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ "(البقرة: 213)، حتى أرسل الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة، المربي والمعلم الأول يقول تعالى:" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "(البقرة:151) وبهذا كانت القضية التربوية والتعليمية قضية مركزية في الوحي قرآنا وسنة، وكذلك في الهوية والحضارة الإسلامية. هذا ما سنحاول ملامسة جانب منه في هذه الورقة بشكل مختصر، مرجئين الكلام على الجوانب الأخرى للقضية في الأعداد القادمة. إن الالتزام بالدين الإسلامي داخل أي مجتمع، يتفاوت من شخص لآخر ومن منطقة لأخرى، فهناك من يلتزم بالدين في جانب دون آخر ومنهم من يحاول أخذ الدين بشكل شامل يفلح حينا ويخفق أحيانا كثيرة. لكن رغم ذلك يبقى المجتمع في حاجة إلى من يوضح تعاليم الإسلام وأحكامه للناس، وإعطاء النموذج العملي الراقي للالتزام بالإسلام وتنزيله على أرض الواقع، وتصحيح الممارسات الخاطئة، وتربية الأفراد فكرا وسلوكا، من أجل أداء رسالة الشهادة على العالم، الرسالة الأخلاقية المميزة للشريعة الإسلامية. هذه الرسالة الأخلاقية التي شرعت من أجلها "العبادات" و"المعاملات"، فكل الأحكام التشريعية التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية تهدف إلى مساعدة الإنسان على القيام بواجب الاستخلاف في الأرض، وإعمارها بالإيمان والعمل الصالح، الذي جاء جمعهما وتكرارهما في آيات قرآنية عديدة، " وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا"(النساء:122). وللقيام بواجب الاستخلاف وإعمار الأرض: العمران الروحي: بالعبادة والتقرب إلى الله بالطاعات التي فرضها، واجتناب المنهيات التي حذر منها ورتب العقاب على فاعلها، والعمران المادي: بالمساهمة في بناء الحضارة والإنتاج الفكري والصناعي والثقافي والاقتصادي لرجوع الأمة لمكان الريادة كما كانت يوم كان العمران الروحي مرتبط بالعمران المادي غير منفصل عنه وليس العكس كما هو واضح في سلوك المسلمين اليوم. وموضوع التربية هو الإنسان وتزكيته وتطهيره وتأهيله لأداء دوره في إعمار الكون وبنائه، وتجديد ذلك العمران إذا أصابه التقادم، فالإنسان هو المنشئ لحالة العمران بشقيه: التمدن والثقافة، بما حباه الله من قوى وعي وحرية اختيار وقدرات ومؤهلات تمكنه من الوفاء بمتطلبات الاستخلاف والعمران.

Analytics

Added to PP
2024-01-16

Downloads
64 (#92,254)

6 months
64 (#73,560)

Historical graph of downloads since first upload
This graph includes both downloads from PhilArchive and clicks on external links on PhilPapers.
How can I increase my downloads?